مخاطر نجاح «التغيير» في كردستان العراق

تشير النتائج الأولية لانتخابات إقليم كردستان العراق إلى ان حركة «غوران» (التغيير) تمكنت من إزعاج الاتحاد الوطني الكردستاني الحاكم، في معقله التاريخي في السليمانية. وفيما لم تصدر بعد النتائج النهائية، تبقى انعكاسات نجاح «غوران» مرتبطة بشكل وثيق بكيفية تعامل قيادات كردستان مع الموضوع.
فحكومة اقليم كردستان تتألف أساسا من تنظيمين هما الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يقوده رئيس العراق الحالي جلال الطالباني والحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يقوده «رئيس» الاقليم مسعود البرزاني، تنافسا خلال التسعينيات لكنهما قررا إثر سقوط نظام صدام حسين العام 2003 دمج إدارتيهما في إطار حكومة الإقليم. وخلال اعوام تلت، ظل إقليم كردستان منطقة آمنة و مستقرة، فيما استشرى الفساد والتسلط من قبل الحزبين المسيطرين.
لكن المفارقة هي أن الاتحاد الوطني هو الذي دفع ثمن غضب الشعب من هذه الممارسات، بينما يسيطر الحزب الديموقراطي فعليا على المنطقة الشمالية في ظل تركيز الاتحـاد وقياداته على التمثيل في بغداد.
وفي أجواء من الغضب الشعبي، أعاد الاتحاد رجله القوي برهم صالح من بغداد ليترأس لائحة كردستان الموحدة، علّه يتسلّم رئاسة الحكومة الكردية من الحزب الديموقراطي ويبدأ الاصلاحات. لكن نجاح «غوران» يثير الشكوك حيال ذلك.
فإذا قرر الحزب الديموقراطي التخلي عن تحالفه مع الاتحاد الوطني أو حاول استغلال ضعف شريكه، قد يدخل إقليم كردستان في مرحلة عدم استقرار. لأن نجاح المعارضة، أولا، لن يدفع الاكراد إلى تقديم مزيد من التنازلات حول قضية كركوك، بل إن تصريحات البرزاني خلال إدلائه بصوته تؤشر إلى عكس ذلك تماما.
وقد يضع ذلك اربيل في خط الاصطدام مع بغداد، حيث من الأرجح أن يتشدد رئيس الوزراء نوري المالكي في مواقفه من الأكراد استعدادا للانتخابات العراقية المقررة في كانون الثاني 2010.
كما قد تؤثر التوترات المتصاعدة مع بغداد على العلاقة التركية - الكردية، حيث بدأ الاتراك مؤخرا يحسنون علاقتهم مع حكومة الاقليم على مستويات عديدة كتصدير النفط والغاز من كردستان. و قد يكون لايران المجاورة أيضا قول في ذلك.
هذه التوترات هي آخر شيء تتمناه واشنطن خلال استعدادها للانسحاب من العراق الذي سيكون صعبا إذا ما تفجرت هذه التوترات صراعا بين العرب والأكراد.
(عن معهد «كارنيغي»)