هـل يفجـر الدستـور الكـردي العـراق؟

تتزايد المخاوف من انفجار الأوضاع في العراق في ظل تفاقم حدة الخلاف بين الأكراد من جهة والحكومة العراقية والعرب والتركمان من جهة أخرى، خصوصاً بعد قرار الاكراد المضي قدماً في عملية تنظيم استفتاء على دستور جديد لإقليم كردستان يضم كركوك ومناطق أخرى متنازع عليها الى «السيادة» الكردية.
في هذا الوقت، أعلنت القوى العربية في كركوك، أمس، تأسيس «المجلس السياسي العربي» كأول مرجعية توحد صفوفهم للمرة الأولى منذ عام 2003 ، وتضم ممثلين عن كافة الاتجاهات، فيما كرر التركمان مطالبهم بالسماح لهم بالتسلح وتشكيل ميليشيات تشبه «الصحوة» لحماية مناطقهم بعد تزايد الانفجارات فيها.
وفي تقرير نشرته أمس، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الأكراد يضغطون لتمرير دستور جديد لإقليمهم، عبر إجراء استفتاء عليه بالتزامن مع الانتخابات النيابية الكردية في 25 تموز الحالي، و«هي خطوة أثارت المسؤولين العراقيين والأميركيين الذين يتخوفون من أن تمثل هذه الخطوة تهديداً جديداً لوحدة العراق».
وأوضحت الصحيفة أن «الدستور يحفظ للأكراد مزاعمهم بالأراضي (المتنازع عليها) والنفط والغاز الموجود فيها، وهو ما ترفضه الحكومة الاتحادية والمجموعات الإثنية الموجودة في هذه الأراضي. وكان من المفترض أن تحل (هذه الخلافات) من خلال محادثات هادئة بدأت الشهر الماضي بين حكومتي العراق وكردستان، برعاية الأمم المتحدة وبدعم من الولايات المتحـدة. لكـن، وعوضاً عن
ذلك، اقر البرلمان الكردي، الدستور، كرسالة على انه سيقاوم الضغوط من أميركا والحكومة العراقية لتقديم تنازلات».
وذكرت الصحيفة أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي تسحب تدريجياً القوات الأميركية من العراق، «مندهشة وقلقة من هذه الخطوة الكردية. إن نائب الرئيس جو بايدن، الذي زار العراق لمدة 3 أيام، انتقد، في مقابلة مع قناة «أي بي سي»، هذه الخطوة بطريقة دبلوماسية وغير مباشرة، لكن بلغة قوية، وبشكل جلي، معتبراً أنها «لا تساعد» الإدارة (الأميركية) في هدفها التوفيق بين عرب العراق وأكراده».
وأشارت إلى أن «المسؤولين الأميركيين، من دبلوماسيين وعسكريين، اعتبروا أن اندلاع مواجهة مع الأكراد أمر مقلق لمستقبل العراق». وقال النائب السني أسامة النجيفي «هذا يضع الأساس لإقامة دولة مستقلة - انه ليس دستور لمنطقة، إنه إعلان نوايا عدواني وللمواجهة. وبالطبع فإن ذلك سيؤدي إلى تصعيد».
ونقلت الصحيفة عن النائبة الكردية سوزان شهاب قولها «لم اعد أثق بأنه سيتم احترام حقوق الأكراد في إطار الدستور الاتحادي الذي اقر عام 2005». وأضافت «إن أكثر شيء مفقود في العراق الجديد، هو الثقة».
وقال النائب في البرلمان الكردي كويستان محمد إن «إقليم كردستان يحتاج إلى دستور خاص به، لكن الدستور، بشكله الحالي، يزرع بذور نزاع لا ينتهي مع الحكومة المركزية ويجعل من رئيس الإقليم حاكماً مستبداً».
في هذا الوقت، أعلنت القوى العربية في كركوك تأسيس «المجلس السياسي العربي» كأول مرجعية توحد صفوفهم للمرة الأولى منذ عام 2003 ، وتضم ممثلين عن كافة الاتجاهات. وقال الشيخ حسين علي صالح الجبوري، خلال مؤتمر صحافي في كركوك، «لن يكون هناك أي حراك سياسي من دون المرور بهذه المرجعية». وأكد أن «العرب نجحوا في بنائهم السياسي وتحدوا الإرهاب الأعمى، وتأتي هذه الخطوة على طريق تعزيز مواقفهم وهدفنا اعتماد وضع خاص لكركوك».
وأبرز المنضوين في المجلس «كركوك الوطنية» و«كتلة الوحدة العربية» و«التجمع الوطني العشائري» و«التجمع الجمهوري» وهيئات أخرى، فضلاً عن أكاديميين وشخصيات مستقلة وشيوخ عشائر ورؤساء مجالس الأقضية والنواحي ذات الغالبية العربية.
إلى ذلك، طالب رئيس جمعية حقوق الإنسان في «تركمن ايلي» سواش أوجي «بضرورة السماح للتركمان بحمل الأسلحة، وتشكيل قوة لحماية مناطقهم لمواجهة الإبادة الجماعية التي نتعرض لها».
وطالب القيادي التركماني علي جعفر داقوقلي «الحكومة العراقية بالسماح للتركمان بتشكيل مجلس إسناد (شبيه بالصحوة) لحماية مناطقهم فوراً وإيقاف نزيف الدم والعمل بشكل سريع لضمان امن مناطقنا، خصوصاً تلك المتنازع عليها من خلال إرسال الجيش العراقي».
وفي كربلاء، قال ممثل المرجع الشيعي في العراق آية الله السيد علي السيستاني الشيخ احمد الصافي، في خطبة الجمعة، «احذر المسؤولين من أن استهداف الأبرياء، ومن طائفة معينة، هدفه إعادتنا إلى المربع الأول وإذكاء نار الطائفية وإثارة البلبلة». وأضاف «إذا لم يتم تطويقها (الانفجارات) فقد تؤدي إلى أمور أخرى، وعلى السياسيين أن يكونوا على قدر المسؤولية».
إلى ذلك، نقلت «اسوشييتد برس» عن مسؤول عراقي قوله إن الإيرانيين الخمسة، الذي أفرجت عنهم قوات الاحتلال الأميركي أمس الأول، سيعودون إلى إيران قريباً، ولن يسمح لهم بدخول العراق مجدداً. وكان مسؤول حكومي عراقي أعلن أن الاحتلال نصح بغداد بإبعاد الخمسة إلى خارج البلاد.
(«السفير»، ا ف ب، ا ب، رويترز)