أرشيف الأخبار

عادت أمس ثقافة اللقاءات الأمنية بين الأحزاب إلى الواجهة، لتكريس المصالحات السياسية وإعادة الألفة بين أهالي بيروت ولتأكيد الدور الأساسي للقوى الأمنية في معالجة أي إشكال أو توتّر في العاصمة. لهذه الأسباب، اجتمع أمس كل من ماهر أبو الخدود عن تيار المستقبل، وعماد كحلول عن حزب الله، وعلي جابر عن حركة أمل، في مكتب رئيس فرع استخبارات بيروت، العقيد جورج خميس، في المتحف. كذلك حضر اللقاء كل من رئيس مكتب أمن المزرعة، العقيد جهاد الحسن، ورئيس مكتب أمن الحمرا، المقدم بهاء حلال.
وقال مصدر مطّلع على أجواء الاجتماع إنّ هذا اللقاء خرج إلى العلن بعد «مجموعة من اللقاءات غير العلنية بدأت مطلع العام الجاري بين حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل برعاية استخبارات الجيش»، مؤكداً أنّ الاجتماعات السابقة كانت تجري أيضاً برعاية العميد خميس، «الذي ينال مباركة قيادة الجيش للمساعي التي يقوم بها في بيروت». وأشار المصدر نفسه إلى أنّ كل هذه اللقاءات هدفت إلى تخفيف التوتر على الأرض بين مناصري الطرفين. أضاف: «لكن هذه اللقاءات كانت تتأثر ببعض الأحداث التي تقع في بيروت والمناطق، إلا أنها تكثفت في الفترة الأخيرة حتى وصلت إلى اتفاق على البنود التي أُعلنت في البيان».
وصدر عن المجتمعين بيان أكدوا فيه التمسك بالمناخ التصالحي بين «قيادات الأحزاب والتيارات الرئيسية في بيروت»، مشيرين إلى أنه بناءً على دعوة خميس، جرى اللقاء «لوضع تصور واقتراحات بشأن نقل هذه الأجواء إلى قواعدهم الحزبية والشعبية ومناصريهم». وبحسب البيان، جرى الاتفاق على النقاط الآتية: تأكيد الدور الأساسي للجيش اللبناني في حل أي إشكال، وضرورة استكمال إزالة الصور والشعارات الحزبية من الشوارع، ونقل هذا الجو التصالحي إلى الكوادر الحزبية، ومنها إلى القواعد الشعبية. كذلك اتّفقوا على إجراء لقاءات بين كوادر هذه الأحزاب، ثم القيام بجولات مشتركة في الأماكن العامة، وخصوصاً في المناطق الحساسة، إضافةً إلى رفع الغطاء السياسي عن أي شخص يفتعل المشاكل بهدف تطويق أي إشكال والعمل على عدم التجييش له. كذلك، اتُّفق على المعالجة الفورية والسريعة من القوى الامنية لأي حدث أمني قد يحصل وحصره ضمن نطاق منطقة الإشكال، وعلى إجراء مصالحات بين العائلات المتخاصمة وتوفير مناخات العودة لأي عائلة اضطرت إلى ترك منزلها في أثناء الحوادث. وفي أجواء اللقاء، نقل أحد المشاركين أن الحاضرين أكدوا أن بند إجراء مصالحات بين العائلات بحاجة إلى تحضير مشترك بين الأطراف المعنية، لأن أي «خطوة ناقصة ستعيدنا إلى الوراء». ورداً على سؤال، قال المشارك نفسه إنّ هذه الاجتماعات لم تتمكن من منع ما حصل في عائشة بكار لأن «ما جرى كان مشكلة فردية، ولم يكن أحد من الأطراف قد سعى إليها».
واللافت أنه أثناء انعقاد الاجتماع رأى النائب البيروتي نهاد المشنوق في مداخلة مع «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، أن هذا الاجتماع «لا يمثّل كتلة المستقبل أو تيار رفيق الحريري، أياً كان من مثلهم في الاجتماع، أعتقد أن من اتخذ القرار بحضور الاجتماع أخطأ، كذلك إن حضوره الاجتماع هو تكريس لأمر نحن في كتلة المستقبل نرفضه بالمبدأ». وطالب المشنوق في مداخلته الجيش بأن يكون «دوره طبيعياً بين الناس وأن يكون حامياً للناس، لا بالعودة لأن يكون هناك اجتماعات بين ميليشيات في مركز المخابرات، أو في أي مكان آخر باعتبارها أطراف صراع عسكري». وعبّر المشنوق عن رفضه لهذا النمط من اللقاءات على اعتبار أنها «تعيدنا لأيام الحرب وفكر الحرب، فيما نحن ندعو إلى سحب 7 أيار من الشارع»، مؤكداً أنّ تيار المستقبل ليس طرفاً أمنياً ليشارك في اجتماعات أمنية. أضاف: «نحن طرف مسالم ولا علاقة لنا بالصراعات الأمنية».
وأشارت مصادر المشاركين إلى أن المجتمعين علموا بمداخلة المشنوق والبيان الذي صدر عنه قبل انتهاء الاجتماع، فما كان من أحدهم إلا أن سأل ممثل تيار المستقبل عن موقفه من كلام المشنوق. عندئذ خرج أبو الخدود من غرفة الاجتماع وأجرى سلسلة اتصالات وعاد إلى القاعة وأكد أن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري موافق على مشاركة التيار في الاجتماع وعلى البنود التي تصدر عنه.
انتهى الاجتماع، لكن بقي موقف المشنوق عالقاً. وتشير أجواء تيار المستقبل إلى أنّ احتجاج النائب البيروتي أتى لمجموعة أسباب أخرى، إضافة إلى رفض أن يكون تيار المستقبل تياراً أمنياً، ومنها أنه جرى تجاهل موضوع اللقاءات الأمنية مع القوى في اجتماعات تكتل لبنان أولاً وكتلة المستقبل. ورأى عدد من المتابعين أنّ موقف المشنوق يأتي نتيجة تحفّظه على دور ضباط الاستخبارات المعنيين من جهة، وكون ممثل المستقبل، ماهر أبو الخدود، محسوباً على المنسق العام السابق لتيار المستقبل سليم دياب الذي يمثّل نهجاً يختلف معه المشنوق.
(الأخبار)