الطائفيــة والخلــوي؟

رياض رعد
رداً على أي تساؤل، عن أسباب هذه المقاربة، المقارنة، أقول إنها جاءت اختصاراً لحالتي الحداثة والتخلف اللتين يعيشهما لبنان واللبناني. إن أوجه الشبه، وكذلك الاختلاف، كثيرة ومتعددة.... الأول من وجوه الشبه، هو أن سر «البقاء» يكمن في «الشحن»، وإن كانت الطائفية أكثر تطلباً في هذا المجال. وجه الشبه الثاني لكليهما هو الحاجة الى المحطات... للخلوي محطاته «المكانية»، وللطائفية محطاتها «الزمنية». محطات الخلوي «من تكنولوجيا» ومحطات الطائفية من «دم»....
من أولى المحطات، ما عرفه الجيل من انتفاضات وحروب أهلية في بدايات القرن التاسع عشر، والتي انتهت في العام 1841، بسقوط الغلبة الدرزية، لمصلحة قيام النظام السياسي على أساس طائفي.
أما محطة الكحالة وامتدادها عين الرمانة، فهي إحدى أخطر المحطات، إذ ما زالت هزاتها الارتدادية متواصلة حتى يومنا.... أحداث الكحالة، قالت عنها مجلة كاثوليكية، فرنسية، «لتموانياج ـ كرتيان»، إنها عملية تحضير لحرب أهلية لبنانية، لهدفين:
الأول: فلسطيني، يرمي الى ترحيل المنظمات الفلسطينية، ومقاومتها تحديداً. والثاني: لبناني، يرمي الى ضرب ما شهدته الساحة اللبنانية، من تنام للظاهرات القومية، واليسارية، والعلمانية، الأمر الذي بات يهدد «دور لبنان» في المنطقة، وبغض النظر عن حسابات الربح والخسارة، لهذا الفريق أو ذاك، فلقد أُعيد لبنان الى «بيت الطاعة الطائفي»، بفعل تلك الحرب.
وبخطورة أكبر، تطفو على السطح محطة عائشة بكار وأخواتها، في دفعنا الى ما قبل الطائفية، الى مذهبية تتغذى من حروب «الجمل» و«صفين». إننا أمام احتمالات جدية لحروب إسلامية ـ إسلامية، ومسيحية ـ مسيحية، إذا احتاج الغرب لمثل هذه الحروب...
أما الوجه الثالث للشبه، فهو أن كليهما مُنتج، عالمي، ومعولم. إن عولمة الخلوي نتاج الإبداع الرأسمالي، وجشعه في آن، ويفتخر الجميع بالإنجاز الكبير، ولا ينكره أحد... أما الطائفية، فيتبرأ منها الجميع، محلياً، وإقليمياً ودولياً... ندعو اللبنانيين الى قراءة تاريخهم، وهو متوافر في كتابة بعض مؤرخينا، ومتوافر في الوثائق العائدة للقناصل، ومراسلاتهم، رحم الله ماضينا، إذ كان التدخل لا يتجاوز سقف القناصل. ندعوهم لقراءة التاريخ، ليكتشفوا صانعي طائفيتهم، ورعاتها.
أما أوجه الخلاف، فهي كثيرة...
الأول: فيما يعمل الخلوي على ضرب الحواجز، والحدود والتقريب بين البشر، تقيم الطائفية جدران الحقد، بين أبناء الشعب الواحد، وتحضر دائماً للفتنة، عند الطلب.
الثاني: يستمر الخلوي في سيرورة تقدم، وارتقاء، متجاوزاً الماضي، والحاضر، نحو مستقبل صاعد، دونما توقف.
أما الطائفية فتستمر بشدنا الى الوراء، ففي سنة 2005، عدنا «بفضلها» الى قانون انتخابات 2000.
وفي انتخابات عام 2009، عدنا الى قانون سنة 1960، وقد تعود بنا سنة 2013، الى نظام 1860! في سيرورة لا تفرز غير الفتنة، ولا ترتوي إلا من دماء اللبنانيين، وكل ذلك يقع تحت مقولة «صنع في لبنان».