عبير نصر الدين
نادى رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية جوزف جبرا على الطالب في كلية إدارة الأعمال وسيم حجازي. لم يسمع وسيم النداء ولم يستجب إليه. التفت الحضور باحثاً عن وسيم فلم يجد أحداً يقترب من المنصة كي يستلم الشهادة. ما الأمر هنا، لماذا لم يحضر وسيم حفل التخرج بعدما قضى أربع سنوات في الجامعة يدرس مجال إدارة الأعمال؟ ألا يريد شهادته كي ينضم الى سوق العمل ويصبح رجل أعمال كما حلم طوال حياته؟ انتظر الجميع أن يفكّ لغز وسيم وأثارهم الفضول لثوان لمعرفة أين وسيم؟ ولماذا لم يحضر بعد؟ علا التصفيق الحاد في المكان، ووقف متخرجو كلية إدارة الأعمال. انهمر دموع العديد منهم. ازدادت وتيرة التصفيق، وأجهش بعضهم في البكاء. هؤلاء هم أصحاب وسيم الذي قضى قبل عشرة ايام في حادث سير على طريق الجنوب. وهؤلاء هم مجايلوه الذين اتفقوا معه منذ عشرة أيام على برنامج اليوم التاريخي حين يعتلون جميعاً منصة الحفل لاستلام شهادتهم الجامعية.
كان المشهد مؤثراً. نسي الأهالي فرحتهم بأولادهم وحوّلوا أنظارهم الى ابنة عم وسيم التي تسلّمت الشهادة عنه.
أمس الاول لم يكن الموعد فقط مع تخريج الجامعة ـ حرم بيروت ـ الدفعة 84 لـ1110 طلاب، فهناك لفتة مميزة شهدها حفل التخريج ولم ينسها كلّ واحد عرف وسيم، صادقه وبكيت عيناه من اجله.
المحطة كانت استثنائية على اجواء حفل التخرج الذي أقيم امام مبنى «الفنون الجميلة». المحطة الثانية كانت منح حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة دكتوراه فخرية.
قبل ذلك بساعتين، كان شابان يقفان أمام البوابة العليا للجامعة اللبنانية الأميركية. يتحادثان. يتجادلان ثم يتفقان. يمسكان الهاتف النقال ويتصلان بأصدقائهم لعدة مرات. تبدو علامات القلق على وجهيهما. لثوان يبدو ان أسباب الشعور بالتوتر تعود الى مشاركتهما في حفل تخرج الدفعة 84 من طلاب الجامعة. يحضر إليهما احد الأصدقاء طالباً منهما الإسراع للانضمام الى باكورة المتخرجين، الا ان اتصال الأخير قد كشف عن سر التوتر. هما يريدان التأكد من ان استعدادات الاحتفال بالتخرج الذي أقيم في منتجع «الاوسيانا» قائمة على قدم وساق.
هذا عن الشهرة. أما الحفل نفسه، الذي يعمّد الطلاب رسمياً متخرجين باحثين عن المستقبل، ففيه كلام آخر. تعتبر للوى شتّا (اقتصاد) التي تحب اختصاصها، وقد اختارته بناء على ذلك، ان احتمال السفر والعمل في الخارج وارد جدا. من جهته، فقد تنقل محمد عبد القادر بين علم الأحياء، ثم إدارة الأعمال، حتى استقر في اختصاص السياحة والفنادق. هو يرى نفسه في الخارج نظراً لازدحام سوق العمل في لبنان. وتفضل شاديا زحيّم (ماجستير في إدارة الأعمال) العمل في الداخل إلاّ إذا تلقت عرضاً مغرياً. وتقول زحيم إن ما دفعها الى هذا الاختصاص ليس الشغف به، بل لأن صاحب اختصاص إدارة الأعمال مثل «الجوكر، وين ما وقعت بتجي واقف». وتثني كل من ريان عبيد ورشا صبراوي على دور الجامعة في تأمين الوظائف لطلابها عبر معرض الوظائف الذي يقام سنوياً في حرم الجامعة.
الاحتفال
توزع المتخرجون على الاختصاصات التالية: الآداب، العلوم، إدارة الأعمال، الهندسة والعمارة. ومن بينهم 230 طالب ماجستير. وحضر الاحتفال الوزيرة بهية الحريري ممثلة الرئيس ميشال سليمان، النائب نهاد المشنوق ممثلاً الرئيس نبيه بري، الوزير خالد قباني ممثلاً رئيس حكومة تصريف الأعمال فؤاد السنيورة، والنائب عاطف مجدلاني ممثلاً رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. مفتي الجمهورية اللبنـــانية محمد قباني وخطيب الــــحفل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشخصـيات نـــيابية وسياسية وعسكرية واجتماعية وذوو المتخرجين.
بعد دخول باكورة المتخرجين، أقام القس جورج مراد صلاة على نية لبنان ونية الجامعة. وفي خطابه، أعرب رئيس الجامعة الدكتور جوزيف جبرا عن فخر الجامعة بتمكنها من توفير مرفق طبي لطلابها في كليات الطب والصيدلة والتمريض عبر انتقال ملكية مستشفى رزق الذي صار يحمل اسم «المركز الطبي الجامعي ـ مستشفى رزق». كما بشّر بإطلاق كلية جديدة هي كلية العمارة والتصميم. وخاطب جبرا المتخرجين «من هذا المنبر أناشد الجميع التعاون الوثيق، تعاون بين الحكومة ومؤسساتها، والقطاع الخاص والجامعة، من أجل ضمان أن يتوفر لكم ولزملائكم المتخرجين من بعدكم، الفرص التي تستحقون في المجتمع، فتظهرون مصداقيتكم وتعدّد مواهبكم لجعل لبنان مكاناً أفضل للعيش لكم وللأجيال الصاعدة».
وألقت المتخرجة الكسندرا شريتح كلمة الطلاب أثنت فيها على دور الجامعة في توفير درجة عالية من العلم، وأملت أن تكون قادرة في يوم من الأيام على رد جزء مما أعطي إليها .
وبعدما منح وكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الدكتور عبد الله صفير الدكتوراه الفخرية إلى سلامة، القى الأخير كلمة استهلها مخاطباً المتخرجين:
«إنّكم ومع تخرّجكم في العام 2009 هذا، ستتواجهون مع عالم يتخبّط بأزمة مالية واقتصادية عرّف عنها المحللون والمراقبون بأنّها أزمة تاريخية بمدتّها وعمقها بل بأنّها أمّ الأزمات». وتابع سلامة «من أهم المسببات لهذه الأزمة إرادة المؤسسات والأفراد بتحقيق الأرباح السريعة مهما كانت المخاطر، وبالابتعاد بشكل جذري عن القيم والمبادئ التي اعتمدت لأجيال. كذلك اختلط مفهوم التسليف بمفهوم الرافعة المالية، وتأسست وتطوّرت الفرقعات في كلّ القطاعات الاقتصادية بسبب السباق الجنوني إلى الربحية وإلى المزيد من الربحية».
ورأى سلامة أنه «في هذا السياق، توجّهت الشركات الطبية والصناعية والمالية وغيرها إلى المضاربة في الأسواق المالية بحثاً عن أرباح إضـــافية، وســـريعاً ما أصبحت أسيرتها، ليس فقط بسبب الربح الســـريع بل أيضاً لأنّ هذه المؤسسات قامت برهن كلّ ما تملكه واستدانت لتمويل مضاربتها في الأسواق المالية».
ولفت الى «أن الأزمة لم تقتصر مفاعيلها على الخسائر المادية فقط بل لامست بضررها التطوّر في مسيرة الإنسانية إذ أنّ الشركات العملاقة التي تعطّل عملها كانت هي التي تبحث وتكتشف وتبتكر ما يحقق التطوّر والتحسّن في حياة البشرية».
وأعرب سلامة عن فخره «كوننا في مصرف لبنان من الذين ساهموا في تجنّب الأزمة، ونعتزّ في كوننا من اللبنانيين الذين لم ييأسوا بالرغم من الصعوبات التي واجهناها عملنا في مصرف لبنان على المحافظة على قطاع مصرفي سليم، ولم نقدم على إفلاس المصارف حفاظاً على الثقة، ونحن باقون على هذه السياسة».
وتوقف سلامة عند مبادرة مصرف لبنان في تسليف الطلاب من أجل تسديد كلفة علمهم، و«نحن نرى المصارف تتحرّك بسرعة في هذا الميدان». كذلك تحدث عن تحفيز المصرف التسليف لمشاريع صديقة للبيئة أكانت تجميلية أم مرتبطة بالطاقة أم بالصناعة.
وختم سلامة: «إنّ الثقة والاستقرار جعلا الودائع تزداد في لبنان، وبالتعاون والتكامل القائم بين المصارف ومصرف لبنان، تمكنّا من إطلاق تسليف يخدم حاجات الاقتصاد والمجتمع، وقد شملت هذه المبادرات المؤسسات الكبيرة والصغيرة وقطاع السكن والقطاعات الإنتاجية والاستهلاكية. وكلّ ذلك أدّى إلى إعادة تكوين الطبقة الوسطى التي قضت عليها الحرب اللبنانية وانهيار العملة الوطنية حينها. دعونا نتصوّر المستقبل ونتصوّر أن لبنان يعيش في سلام، وأن دولته تعمل من أجل تأمين فرص العمل لرفع مستوى معيشة أبنائه في عالم عربي انفتح بأسواقه بشكل حفّز التجارة البينية وسهّل الاستثمار الإقليمي».
بعد ذلك وزع الدكتور جبرا والعمداء الشهادات على المتخرجين ونال تقدير الرئيس وجائزته لحيازة أعلى معدل عام بين المتخرجين كل من: الكسندرا توفيق شريتح من الآداب والعلوم، ريان هلال يونس من ادارة الأعمال وميراي فـرح ألفرد سلطي من الهندسة والعمارة.
أما جائزة torch award التي تمنح للجدّية والتفاني في العمل فنالها المتخرّجون: لما عصام مصري من ادارة الأعمال وعباس خضر سباعي من الآداب والعلوم ومي حبيب مودارا من الهندسة والعمارة. وكانت «جائزة رياض نصار للقيادة» من نصيب سارة سباعي من الآداب والعلوم.
اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت | أحد |
---|---|---|---|---|---|---|
31 | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 | 1 | 2 | 3 | 4 |