زلـزال تاريخـي: الدولـة العثمانيـة تأسست في عام 1302 لا عام 1299

محمد نور الدين
أحدث المؤرخ التركي الشهير خليل اينالجيق زلزالا في الكتابة التاريخية، عندما اعتبر أن تاريخ تأسيس الدولة العثمانية لم يكن كما هو شائع في الكتابات التاريخية في العام 1299 ولا في منطقة صوغيت غربي الأناضول.
ويقول اينالجيق، أثناء مؤتمر عن تاريخ الدولة العثمانية عقد في مدينة يالوفا بالقرب من مدينة بورصة، إن الروايات التاريخية تتحدث عن العام 1299 كعام إقامة الدولة العثمانية وإقامة الخطبة وتعيين القاضي، وهو ما توافق عليه المؤرخون العثمانيون بعد قرنين من العام 1299. لكن الوثائق التي اشتغل عليها اينالجيق على امتداد 70 عاما أظهرت أن هذه المعلومات عبارة عن خرافات، وهو ما يستدعي إعادة النظر بالكتب التاريخية والمدرسية.
ويوضح اينالجيق، الذي يعتبر من أهم المؤرخين الأتراك المعاصرين ويناهز الـ93 من العمر، إن الوثائق البيزنطية تقول انه في العام 1302 حصلت معركة بافوس مع القوات التي كان يقودها عثمان، وقد انتهت المعركة إلى انتصار عثمان. وهذه المعركة المهمة جدا لا ذكر لها في المصادر التاريخية العثمانية أو التركــة. وأضاف أن اسم عثمان أصبح معروفــا بعد هذه المعركة، وبدأ الأتراك من كل مكان التوافد لإعلان المبايعة.
وهذا يعني أن عثمان كان يمتلك جيشا، أي يمتلك «السعادة» وفقا للتقاليد التركية، ولم يعترض احد على ابنه اورخان عندما تولى السلطة بعد وفاته في العام 1324، وهذا يعني أن الدولة تأسست بعد معركة بافوس مباشرة ونتيجة لها، وفي منطقة يالوفا وليس في صوغيت. أما المعركة فقد أطلق عليها هذا الاسم احد شهودها باهيميريس، واسم المكان حاليا هو «تشوبان حصار»، وورد في المصادر التاريخية أيضا على انه «قويون حصار».
وتابع اينالجيق إن التقاليد والمرويات التركية تتحدث عن ضرورة أن يحقق الزعيم انتصارا عسكريا لكي تكون له شرعية إقامة الدولة، وقد تحقق ذلك بانتصار بافوس وقد تأكد ذلك عبر استلام ابنه اورخان الزعامة من بعده من دون اعتراض، وهو الأمر الأكثر أهمية في تحديد تاريخ إقامة إمارة أي دولة جديدة، وهو ما وفّرته معركة بافوس، وبالتالي تكون الخطبة وتعيين القاضي حدثا في العام 1302.
وعلى هذا يكون خليل اينالجيق غيّر تاريخ ومكان تأسيس الدولة العثمانية. ويدرك اينالجيق أن نظريته الجديدة ستحدث ردود فعل واسعة، وسيتساءلون «من أين خرج بهذه النظرية؟» ويجيب «أنا اثبت ذلك من خلال أدلتي ومصادري فاقرأوها».
ويقول رئيــس جامعة بيلكنت علي دوغرامجــي إن الوقائع الجديدة التي أظهرها اينالجيق ستحــدث زلزالا وهي لحظة تاريخــية، فيما يشــير رئيس جامعة يالوفا نيازي اروصلو إلى أن يالوفا شهدت أيضا صك أول عملة عثمانية وأول مطبعة.
أما العضو في مجلس التعليم العالي محيي الدين شيمشيك فقال «كل شيء يتغير: نحن والناس والجغرافيا. وما تعلمته اليوم أن التاريخ أيضا يتغير».