115 مخالفة على الأملاك البحرية عند شاطئ جبيل، بدأت وزارة الأشغال العامة محاولة لإزالة ما استجدّ منها، إلا أن حملة سياسية منظّمة انطلقت لمنع نجاح هذه المحاولة، إذ عدّها رئيس حزب السلام روجيه إده موجهة ضد رئيس الجمهورية لتصفية حسابات الانتخابات!
رشا أبو زكي
تعديات تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، هضم لحقوق المواطنين في الوصول إلى الشاطئ من دون عوائق مادية أو إسمنتية، والأهم غطاء سياسي ضخم يحمي السارقين من إعادة أملاك الناس العامة... إلى الناس... هكذا يمكن اختصار حال الشاطئ اللبناني! وشاطئ جبيل المشهور بجماله ليس استثناءً، لا بل أصبحت التعديات الضخمة على رماله موضع تجاذب سياسي، أما الوقائع، فتفيد أن عدد المخالفات التي تنهش شاطئ جبيل وصل إلى 115 مخالفة وفق مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني، وتراوح هذه المخالفات بين البناء السكني والشاليهات الخاصة (66 مخالفة)، والمشاريع السياحية (34 مخالفة)، و15 مخالفة بين المشاريع السياحية والسكن ومواقف السيارات... إلا أن حجم هذه المخالفات يتمدّد، إذ يشير المدير العام للنقل عبد الحفيظ القيسي إلى أنّ المخالفات كثيرة على شاطئ جبيل، وقد زادت كثيراً، لافتاً إلى أنّه أُرسل كتاب عاجل إلى المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي للإيعاز إلى كلّ أصحاب المنتجعات بإظهار حدود عقاراتهم، ولفت في حديث لـ«الأخبار» إلى أن المديرية أرسلت إنذارات أمس إلى أصحاب المنتجعات الذين تعهّدوا إزالة كل أنواع المعوقات والمخالفات الإضافية أمام الشاطئ خلال أيام... إلا أن هذا التحرك، الذي لا يشمل خصوصاً التعديات الأساسية على الأملاك البحرية، بل يكبح تمدد هذه التعديات، قوبل بهجمة قوية من أصحاب المنتجعات السياحية، تداخلت فيها السياسة بالمصالح الشخصية، تحت غطاء الدفاع عن «الموسم السياحي»!
تحركات متواصلة
فقد بدأ نواب كتلة التغيير والإصلاح في جبيل (عباس هاشم ووليد خوري وسيمون أبي رميا) في الأسبوع الماضي حملة منسّقة مع بلدية جبيل ومديرية النقل في وزارة الأشغال لإلزام أصحاب المنتجعات تحديد حدود منتجعاتهم على الشاطئ «بسبب شكاوى من عدد من المواطنين منذ نحو أسبوعين عن إشكالات لمواطنين مع الأمن الخاصّ لبعض المنتجعات السياحيّة»، بحسب أبي رميا...
والمعلوم أن أكثر من 115 مخالفة على شاطئ جبيل ارتكبها أشخاص من مختلف الألوان السياسية، وبينهم عدد من المخالفين في التيار الوطني الحر منهم شارل كنعان الذي تعدى في منطقة عمشيت على مساحة 992 متراً مربّعاً، إلّا أن مالك منتجع «Edde Sands» روجيه إدّه الذي تعدى على العقار 42 البالغة مساحته 2578 متراً مربعاً على شاطئ جبيل، وتسمية مخالفته بحسب دراسة مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبنانية هي «بناء شاطئ ومصاطب»... عدّ حملة كتلة التغيير والإصلاح موجّهة ضده، وضد من دعم اللائحة التي كانت محسوبة على رئيس الجمهورية في جبيل، معتبراً أن استثماره السياحي مرخّص من وزارة السياحة، كما يحصل سنوياً على تراخيص من وزارة الأشغال العامة مثل سائر المجمعات السياحية على الشاطئ اللبناني، ورأى أن كل ما عدا ذلك هو مجرد حملة تتوخّى ضرب المشاريع في جبيل، مؤكداً مضيّه في المشاريع الإنمائية التي تفرز فرص العمل والتوظيف في المنطقة. كما أشار وفد من نقابتي أصحاب الفنادق والمجمعات البحرية برئاسة النقيبين بيار أشقر وجان بيروتي، ووفد يمثل أصحاب المجمعات السياحية والبحرية في منطقة جبيل في لقاء مع وزير السياحة إيلي ماروني أمس، إلى الضغوط التي يمارسها بعض السياسيين لإعاقة عمل المؤسسات في أوج الموسم السياحي...
إلا أن هاشم أكد لـ«الأخبار» أن تحرك الكتلة غير مرتبط بالانتخابات ولا بأي خلفية سياسية، بل جاء نتيجة اتصالات من عدد كبير من المواطنين يشكون فيها من عدم قدرتهم على الوصول إلى شاطئ جبيل، بسبب عوائق يضعها أصحاب المنتجعات خارج حدود منتجعاتهم، لافتاً إلى أن هذا التحرك بدأ منذ ثلاث سنوات، ولا يزال مستمراً، وفي 3 كانون الأول من عام 2008 وضعت وزارة الأشغال العامة والنقل والسلطات الأمنية وبلدية جبيل محضراً لتنظيم العلاقة بين أصحاب المنتجعات والبلدية والمواطنين، لافتاً إلى أن أصحاب المنتجعات لم يلتزموا بنود هذا المحضر. وأشار هاشم إلى أن «أحدهم» صرّح بأن حملة إزالة المخالفات عن الشواطئ البحرية في جبيل، موجهة ضد من دعم لائحة الرئيس ميشال سليمان في المنطقة، سائلاً «هل يجوز إقحام مقام الرئاسة بمحاولة وزارة النقل تطبيق القوانين؟ وهل يمكن من يدعي دعم الرئاسة مخالفة القوانين تحت هذا الشعار؟». لافتاً إلى أن الحملة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحقوق الطبيعية للمواطن اللبناني. وعن وجود أشخاص في التيار الوطني الحر يتعدّون بدورهم على الأملاك البحرية في جبيل، أكد هاشم أن الجميع تحت القانون، ولا استثناء لأحد «حتى لو كان أخي»، لأن الموضوع هو موضوع حقوقي وقانوني وخارج نطاق كل الفنون السياسية.
مخالفات موثّقة
وعلى الرغم من المخالفات التي تنهش شاطئ جبيل، نفى رئيس اتحاد بلديات جبيل فادي مارتينوس «وجود أيّ مخالفات بحرية إن كانت منشآت على البحر أو أبنية». وأكد في حديث لوكالة الأنباء المركزية أن شاطئ جبيل هو من أقل الشواطئ التي تشهد تعديات، على عكس ما يُقال ويُشاع، وأن التعديات الحاصلة موثّقة ويمكن مراجعتها في الشؤون الجغرافية في قيادة الجيش. (علماً بأن شاطئ جبيل يشهد ثاني أعلى معدل في محافظتي جبل لبنان وبيروت بعد كسروان التي يعاني شاطئها من 152 مخالفة، بحسب دراسة الشؤون الجغرافية نفسها).
وفي هذا الإطار، يؤكد القيسي وجود بعض المخالفات من أصحاب المنتجعات السياحيّة والتعدّيات على الأملاك العامّة، مشدداً على أنّ المديريّة تملك خرائط موثّقة عن المخالفات القديمة للمنتجعات منذ سنة 1993، لافتاً إلى أنه سيُمنع وضع أيّ سرير أو كرسيّ على الشاطئ العامّ، داعياً أصحاب المنتجعات إلى الالتزام بحدود عقاراتهم الخاصّة، لأنّ الدولة اللبنانيّة هي التي تملك الأملاك البحرية، وبالتالي لا تقبل أن يتعدى أحد على أملاكها، مشدّداً على أهميّة تفعيل السياحة ضمن إظهار الوجه الحضاري للبنان السياحيّ. وشدد لـ «الأخبار» على أن عدم الالتزام ببلاغات الأمن لأصحاب المنتجعات، سيعرّض المخالفين للتبعات القانونية اللازمة، لافتاً إلى أن «البعض» رأى أن الحملة إعلامية، «لكننا لا نقوم بحملات إعلامية بل نطبّق القانون والنظام، ونقطة على السطر».
اتفاق عام 2008
ينص الاتفاق على نزع أصحاب المنتجعات السياحية الحواجز لضمان تواصل الشاطئ ضمن مسافة 10 أمتار من الموج، وذلك بعدم وضع كراسيّ أو مظلات. ضمان بلدية جبيل حق التنقل للرواد على الشاطئ وإقامة حاجز توقيف على مدخل الشاطئ الرئيسي لكونه المدخل الوحيد. بانتظار صدور قانون تسوية المخالفات على الأملاك البحرية ودفع أصحاب المنتجعات ما يترتب عليهم، يبقى الوضع على حاله من دون زيادة أي تعديات.
98640 متراً مربعاً
هي التعدّيات «المرخّصة» على شاطئ جبيل، فترة ما قبل عام 1975 حتى عام 1990. وبعد عام 1991 عمدت الحكومات المتعاقبة إلى منح عدد من التراخيص في جبيل إلى 12542 مليون متر مربع.
107765 متراً مربعاً
هو حجم المساحات المشغولة عند شاطئ جبيل على نحو غير قانوني. وتشمل التعديات الشاطئ المواجه للبربارة والمنصف والريحانة وعمشيت وقرطبون ومستيتا وحالات ومدينة جبيل.