«زوجي ما بيساعدني بالبيت إلا إذا مرضت، وما بيأمّن لي المشتريات». إنها شكوى إحدى النساء الريفيات التي شملتهن دراسة، قامت بها في العام الحالي «مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي» - مشروع تمكين المرأة الاقتصادي.
شملت الدراسة 142 سيدة ينتمين الى ست مناطق في البقاع والجنوب، من مختلف الأطياف والخلفيات الاجتماعية. وعرضت نتائجها في الندوة التي عقدت أمس في «جمعية الشابات المسيحيات»، بعنوان: «النوع الاجتماعي والرعاية الأسرية: إسهامات في الاقتصاد اللبناني».
غير أن مسؤوليات العمل المنزلي الملقاة على عاتق النساء دون أزواجهن، ليس وحده الموضوع المطروح. بل يشمل البحث أيضاً العمل الرعائي الذي يقمن به، من خلال رعاية الأطفال والمسنين في العائلة، والعمل الإنتاجي من خلال توفير المونة للعائلة، وهي أعمال غير مدفوعة الأجر، مقابل العمل الإنتاجي بشقه التعاوني المدفوع الأجر بطبيعة الحال.
وبحسب تقرير التنمية البشرية الذي أصدره «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، فإن النساء يعملن عدد ساعات أكثر من الرجال. وتأتي الندوة في إطار برنامج «صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة - اليونيفم»، وعنوانه «القيادة السياسية للنساء والتمكين الاقتصادي من أجل بناء السلام». وهو برنامج يمتد لسنين، ويشمل إلى جانب لبنان، الأردن، سوريا، مصر، الامارات، اليمن، والسعودية.
ولكن لماذا إثارة الموضوع اليوم؟
تقول مديرة «مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي» لينا أبو حبيب لـ«السفير»: «أبرز تداعيات الأزمة الاقتصادية هي زيادة مشكلات الرعاية. فعندما تفلس الدول، لا تقتصد إلا في موازنات وزارات الصحة والتربية والزراعة، فتقع الخدمات الرعائية في هذه المجالات على المرأة والفتاة بالدرجة الأولى، وغالباً بشكل غير مدفوع. كما أن إسهامات النساء في الاقتصاد الوطني من خلال قيامهن بالعمل المنزلي لا تُثمن ولا تعطى أي قيمة». وتضيف: «قبل الشروع بتنظيم دورات تدريبية أو مشاريع، لا بد من إثارة القضايا أولاً لوضع إطار عام لها، فأي نوع من التدخل مفيد لتمكين النساء اقتصادياً، ولدعمهن للمشاركة في الشأن العام؟ وبناء على ذلك، لا تتحقق المساواة مع الرجل، في حال علّمنا المرأة الخياطة على سبيل المثال، بل يجب مساعدتها عبر تغيير نمطية التفكير المرتبطة بإجبارية قيامها بالعمل المنزلي، وإقناعها بضرورة الاحتفاظ بأتعابها».
وتقوم المجموعة التي أطلقت مشروع «نملية» منذ حوالى سنتين لدعم التعاونيات النسائية الريفية، بتوفير فرص عمل للنساء، من خلال دعمهن وتدريبهن على اكتساب مهارات تقنية، ومساعدتهن على تصريف منتوجاتهن. ومن وحي هذه التجربة تقول أبو حبيب: «بعد سنوات من العمل، كسرت حواجز عدة أمام النساء الريفيات، فإحداهن أخبرتني أنها تمكنت من كسر «تابو» خروجها منفردة من المنزل، لتبيع وتشتري في السوق، وأصبحت تحتفظ بمالها وتقرر كيف تنفقه». كما توصلت أخرى الى المشاركة في مؤتمر في افريقيا لعرض المنتوجات الريفية، وأقنعت زوجها بعد عناء شديد للاهتمام بالأولاد في غيابها. ولدى عودتها، أخبرها بتقديره لتوفيقها بين عملها في التعاونية والاهتمام بأولادها.
انطلاقاً من ذلك، لا تهدف الندوة بحسب المنظمين، الى طلب إعطاء أجر للمرأة جراء قيامها بالأعمال المنزلية أو الرعائية. بل المطلوب اولاً هو التوصل الى تغيير النمط العائلي بين الجنسين، بحيث لا يتبرأ الزوج من المهام المنزلية، وبعضهم يعمل بدوام يقل عن دوام عمل الزوجة العاملة.
كما أن الدور الرعائي ليس دوراً نسوياً. وتغيير هذه الذهنية داخل المنزل ينسحب أيضاً على تغييرها خارجه: «فالملاحظ أن معظم الذين يقومون بالأعمال التمريضية هن من النساء، كما أن طابعاً فوقياً يتحكم بالعلاقة بينهن وبين الأطباء الذين يعتبرون دورهم تقنياً وليس رعائياً»، تقول ابو حبيب.
وتهدف الندوة ثانياً الى الطلب من الدولة القيام بدورها الرعائي، اولاً عبر افتتاح حضانات للأطفال، وإنشاء مؤسسات تعنى بالمسنين وذوي الإعاقات، خصوصاً انه خلال السنوات 45 المقبلة، توقعت دراسة أعدها «صندوق الأمم المتحدة للسكان» في العام 2002، أن يزيد عدد السكان بعمر 65 عاماً وما فوق بمعدل ثلاثة أضعاف، بالإضافة الى زيادة الأمراض المزمنة. وثانياً، عبر خلق أنظمة تساعد النساء على الاحتفاظ بوظائفهن، في حال قيامهن بالأعمال الرعائية، وإقرار قانون لفرض إجازات أبوّة للأزواج.
كما تهدف الندوة ثالثاً الى التشديد على ضرورة لحظ مدى مساهمة النساء في اقتصاد البلدان، لقيامهن بالعمل الرعائي غير المدفوع، عبر إعداد دراسات وإحصاءات لحفظ حق المرأة المعنوي على الأقل، في غياب المقابل المادي.
وفيما يبدو تغيير الذهنية الاجتماعية في هذا المجال صعباً، تؤكد المحامية اقبال دوغان أن الامر يجب ان يبدأ من التربية: «نحن نربي اولادنا على التمييز بين الجنسين، ونطلب دائماً من الفتاة ان تخدم اخاها في المنزل، في حين يجب ان ندفع كل فرد من افراد العائلة ليخدم نفسه».
وبشأن تغيير سياسات الحكومات، تلفت ابو حبيب الى أن الامر ليس مستبعداً، مستشهدة بتجربة فنزويلا، حيث أعلن الرئيس شافيز في العام 2006 أن ربات المنازل الأفقر سيحصلن على مدخول شهري يوازي 80 بالمئة من الحد الأدنى للرواتب تثميناً لعملهن داخل الأسرة: «كما ان «برنامج الاعانات المالية» في المكسيك ادى الى تقليص فجوة الفقر، عبر تزويد الأمهات بإعانات مالية».
تخلل الندوة كلمة لكل من الدكتورة شيرين شكري ممثلة «اليونيفم»، وعضوة المجموعة ريم الزابل. كما عرضت منسقة مشروع تمكين المرأة الاقتصادي نتالي شمالي نتائج الدراسة التي شملت ثلاث مجموعات: ربات منازل، عاملات في المنزل وخارجه، وشابات بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة من العمر. عرضن خلالها تجاربهن في العمل المنزلي والرعائي غير المأجور.
Mon | Tue | Wed | Thu | Fri | Sat | Sun |
---|---|---|---|---|---|---|
31 | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 |
7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 |
14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 |
21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 |
28 | 29 | 30 | 1 | 2 | 3 | 4 |