وعدوا بمتابعة اختصاصهم في الجامعة اللبنانية كمهندسين طلاب المدارس الفنية الزراعية: لا تحولوا دراستنا إلى «مضيعة للوقت»

عدنان طباجة
النبطية :
لم تجد مشكلة متخرجي المدارس الفنية الزراعية في لبنان من حـمَلة الشهادة الفنية الزراعية BT حلاً لها حتى الآن، لكي يتمكنوا من الدخول إلى فرع الهندسة الزراعية في الجامعة اللبنانية. ويحول دون إكمال الطلبة الزراعيين اختصاصهم نظام امتحانات الدخول المعمول فيها، بسبب عدم ملاءمة الامتحانات مع الدروس والبرامج المعطاة لهم في المدرسة. في المقابل لم يتمكن معظم المتخرجين من المهنية من الدخول إلى المعاهد الخاصة بسبب أوضاعهم المادية الصعبة، ويفاقم في ذلك عدم وجود أي نص صريح في وزارة التربية يقضي بمعادلة الشهادة الفنية الزراعية بشهادة البكالوريا ـ القسم الثاني, أسوة بالشهادة المهنية في الاختصاصات الأخرى.
ويطالب طلاب الزراعة المسؤولين في الدولة والحكومة ووزارة الزراعة، بتسهيل امتحانات الدخول إلى الجامعة اللبنانية لمن يرغب منهم، وذلك من خلال العمل على إيجاد برنامج خاص يتلاءم ومستواهم العلمي، ويكون مختلفاً عن الطلاب الآخرين، لكونهم يجدون صعوبة قصوى في هذا المجال. ويناشدون وزارة التربية معادلة شهاداتهم بشهادة البكالوريا ـ القسم الثاني، لكي يتمكنوا من استكمال تعليمهم، وإذا لم يتوفر ذلك يجب على وزارة الزراعة توظيفهم كمساعدين فنيــين، كما وُعدوا قــبل دخولهم إلى المدرسة، أو مساعدتهم على إيجاد الوظـــائف في الشركات والمؤسسات الزراعية الخـــاصة، أو دعمـــهم بقروض ميسرة لفتح مصالح على حسابهم.
من بين هؤلاء ميادة سلامة التي قضت ثلاث سنوات في المدرسة الفنية الزراعية في النبطية، وفي ختامها حصلت على إفادة شبه رسمية لم تخولها الدخول إلى الجامعة، بسبب صعوبة امتحانات القبول المقررة، لذلك مضى على تخرجها حتى الآن ست سنوات من دون أي عمل. وتلفت سلامة إلى أن فترة الدراسة في المدرسة الفنية الزراعية كانت تتم بطريقة نظرية، في غياب الوسائل التطبيقية كافة والتي كانت تحتاجها، لذلك لم يستوعب الطلاب معظم الدروس التي كانت تعطى لهم.
وكانت لميس شميساني قد حصلت على منحة تعليمية في سوريا، إلا أنهم اشترطوا عليها أن يتبناها أحد الأحزاب أو التنظيمات المحلية للدخول إلى الجامعة، لكنها رفضت ذلك، لأنها ليست محسوبة على أحد ولا تريد ذلك، بعدها قيل لها إنها بصفتها مرشدة بيطرية باستطاعتها فتح صيدلية بيطرية، غير أن وزارة التربية لم تسمح لها بذلك، بحجة أن الطبيب البيطري وحده الذي يحق له أن يفتح صيدلية، وبإمكانها العمل تحت إشرافه، مما جعلها تبقى سنوات عديدة بدون عمل.
وقدمت تغريد إبراهيم طلبات للعمل في ثلاث شركات ومؤسسات زراعية خاصة في وقت سابق، لكنها لم تتلقَ أي جواب حتى الآن، وأشارت إلى أن أحداً من متخرجي المدرسة الفنية الزراعية في النبطية، تسنى له حتى الآن الدخول إلى الجامعة اللبنانية، وهذا غير معقول، وجميع المتخرجين ضائعون ويطالبون بإيجاد حل لمشكلتهم، وهذا برسم المسؤولين والسياسيين المعنيين.
يذكر أن المدرسة الفنية الزراعية في النبطية لم تبصر النور فعلاً إلا في أيلول من العام 1998، عندما أصدر وزير الزراعة آنذاك المهندس شوقي فاخوري قراراً بفتحها، وبتكليف رئيس دائرة الثروة الحيوانية في مصلحة الزراعة في محافظة النبطية حالياً المهندس محمد علي أحمد بإدارتها لمدة ثلاث سنوات، وذلك بناء على المرسوم الذي كانت وزارة الزراعة قد أصدرته في الثالث والعشرين من شهر نيسان عام 1992، والذي نصّ على إنشاء مدارس فنية زراعية في مختلف المناطق اللبنانية، ومن ضمنها منطقة النبطية.
وباشرت المدرسة سنتها الدراسية الأولى في أربع غرف مستعارة من المبنى الذي تشغله حالياً جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في النبطية، حيث استمر وجودها في هذا المكان لمدة سنتين دراسيتين، قبل انتقالها منذ تسع سنوات إلى مبنى دار المعلمين والمعلمات الواقع على المدخل الجنوبي لمدينة النبطية، بعد موافقة المركز التربوي للبحوث والإنماء، وبناء على طلب تقدم به محافظ النبطية القاضي محمود المولى. وتـمّت الموافقة على استعارة ست غرف من المبنى المذكور لمدة سنة واحدة أعيد تمديدها لثماني سنوات إضافية حتى الآن.
واستوعبت المدرسة الفنية الزراعية في النبطية حتى الآن مئات الطلاب من حـمَلة الشهادة التكميلية المتوسطة (البريفيه)، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات، يحصل بعدها كل طالب إثر نجاحه على «الشهادة الفنية الزراعية» BT في اختصاص الزراعة وتربية الحيوان. وكان من المفترض أن تخول الشهادة حاملها استكمال الدراسة في اختصاص الهندسة الزراعية في الجامعة اللبنانية، إذا كان معدله النهائي العام 13/20 بعد خضوعه لامتحان الدخول، كما تخوله أن يكون موظفاً في وزارة الزراعة بصفة مساعد فني زراعي، إضافة لإمكانية عمله في القطاع الزراعي الخاص، والــقيام بمشــاريع زراعية صغيرة، وهذا ما لم يتم تطبيقه بشكل فعــلي.
أما المشكلات التي تعاني منها المدرسة الفنية الزراعية في النبطية، فيلخصها رئيس مصلحة الزراعة في النبطية المهندس هادي مكي بعدم وجود بناء مدرسي خاص يتمتع بالمواصفات الفنية وحقول التدريب، وقد وعد مجلس الجنوب بإنشاء هذا المبنى في وقت سابق، بعد أن توفرت الأرض اللازمة لذلك بالقرب من مشتل وزارة الزراعة في بلدة الشرقية (النبطية). وتبلغ مساحة الأرض حوالى عشرة دونمات، وهي ملك لوزارة الزراعة، وقد تم إعداد الدراسة اللازمة للمشروع بانتظار تمويله وتلزيمه. وتعاني المدرسة أيضا من عدم وجود ملاك خاص بها، حيث إن إدارتها تعمل بالتكليف، ومعلميها متعاقدون بالساعة، وموظفيها الثلاثة تمت الاستعانة بهم من مصلحة الزراعة في النبطية، علماً أن مرسوم افتتاح المدرسة، ينص على وجود تسعة وثلاثين موظفاً فيها بين مدير ومعلم وطبيب بيطري ومساعد فني وموظف.
إضافة إلى ذلك تفتقر المدرسة الفنية الزراعية في النبطية وفق مكي للكثير من التجهيزات والمختبرات الفنية والزراعية وحقول التدريب اللازمة، لكنها بالرغم من هذه المشاكل والنواقص في المستلزمات، فإنها تعتبر من أهم وأنجح المدارس المماثلة في لبنان، بعد مدرسة «ناصرية رزق» في البترون، من حيث عدد الطلاب والنتائج التي حققتها. وهي الوحيدة التي يوجد فيها قسم في اختصاص تربية الحيوان، فضلاً عن كونها مدرسة إرشادية، حيث تقام فيها الندوات والمحاضرات والتدريبات العملية التي يحـــضرها مزارعون ومهتمون من أبنــاء المنطقة، كما تتبادل المدرسة النشاطات مع المدارس الزراعيـــة كافة في بقية المناطــق اللبنانية الأخرى.